Sunday 19 June 2011

مواقع سورية وأجنبية تتداول وثيقة مزيفة واضح للعيان أنها مصنوعة ببرنامج الـ"بينت"!؟

محررو موقع " كلنا شركاء" ، والمواقع الأخرى ، لا يعرفون لفظ وكتابة اسم نائب رئيس الأركان ... ولا حتى رتبته !؟
دمشق ، لندن ، الحقيقة ( خاص): نشر بعض المواقع السورية يوم أمس ما قيل إنها "وثيقة" صادرة عن محافظ القنيطرة خليل مشهدية تتعلق بـ" مسيرة العودة" التي جرت في 15 أيار / مايو الماضي عبر أراضي الجولان المحتل ( انظر نهاية هذا التقرير).  واللافت أن كل موقع من المواقع التي نشرتها يدعي صراحة أو ضمنا أنه حصل عليها بشكل حصري. وهو ما يوحي بأن المحتال الذي فبركها أرسلها للجميع ( ونحن من ضمنهم) دون أن يبلغ الآخرين بذلك! لكن بعد التدقيق ، تبين أن أول من تورط بها هو مراسل صحيفة " ديلي تلغراف" البريطانية مايكل ويس الذي نشرهاعلى " البلوغ " الخاص به في الرابع عشر من الشهر الجاري ( اضغط هنــا) . أي أن صحيفته التي يعمل بها رفضت أن تتبناها في طبعتها الرسمية أو على موقعها الرسمي . علما بأن " مايكل ويس" أحد أبرز أصوات الليكود الإسرائيلي في الصحافة البريطانية . ومع ذلك ، وبعد أن ثبت لدينا بالملاحظة والخبرة الإدارية وبالأدلة التقنية القاطعة أنها مزيفة ، نبهناه إلى الأمر ، وامتنعنا نحن عن نشرها.
اللافت في الأمر أن " الوثيقة " جررت فبركتها ببرنامج الـ " بينت" الموجود في أي كومبيوتر . أي بطريقة أكثر تخلفا حتى من برنامج " فوتوشوب " بكثير! وإليكم الأدلة التقنية على التزييف:
ـ جرى قص شعار الجمهورية ولصقه على شكل صور " جي بي جي". وعند الفحص تظهر خلفيته المربعة . وهو ما يحصل عند التزييف ببرنامج " بينت" . أما برنامج " فوتوشوب" الذي يملك خاصية " ترانسبرانت" فيزيل الخلفية كليا ويجعل خلفية الوثيقة هي نفسها خلفية الشعار! وهذا يعني أن المزور من النوع البدائي الذي لم يرق بعد إلى مستوى " الفوتوشوب"!؟
ـ  جرت إضافة التوقيع المزيف لمحافظ القنيطرة بالبرنامج نفسه ، وتحديدا بالأداة التي يتضمنها من أجل الكتابة ، ( المعروفة في البرنامج باسم " بروشز")،  وليس بالقلم العادي التي يفترض أن يوقع به أي إنسان!؟
أما على صعيد المضمون ، فيتضح أن من زورها ليس غبيا تقنيا فقط ، بل وجاهل إلى حد الحماقة بأدنى معرفة بالشؤون الإدارية والأمنية والعسكرية في سوريا. وإليكم ملاحظات حول ذلك :
ـ لا يوجد أي بهيمة في الدولة ، وما أكثرهم ، يكتب عبارة " نائب رئيس الأركان بالقوات المسلحة"، لأن الاسم الرسمي هو " نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش والقوات المسلحة "!؟
ـ المفارز الأمنية ـ وهذه ملاحظة خاصة بالبهيمة الذي زيف الوثيقة ـ لا تأخذ أوامرها من المحافظ مباشرة ، بل من الجهة التي تتبع لها . بتعبير آخر : فرع الأمن العسكري يبلغ مفارزه ، وفرع الأمن السياسي يبلغ مفارزه .. إلخ . وحتى حين تجتمع اللجنة الأمنية في المحافظة وتقرر أمرا ما ..لا يقوم المحافظ بإبلاغه للفروع والمفارز الأمنية التابعة لها ، بل رؤساء الفروع الأمنية ( المفترض أنهم أعضاء في اللجنة الأمنية الفرعية على مستوى المحافظة) هم من يبلغ فروعهم ومفارزهم.
ـ وثيقة مفترضة من هذا النوع ينبغي أن تتضمن في نهايتها عبارة " المرسل إليهم " مع ذكر الجهات المعنية بها .
ـ لا رئيس الأركان ولا نائبه له صلاحية أو اختصاص إداري للاجتماع بالمحافظ أو اللجنة الأمنية في أي محافظة . وحين وجوب عقد اجتماع " أمني" من هذا النوع برعاية مسؤول أعلى في الدولة ، فإن المعني لأول بالأمر هو رئيس مكتب الأمن القومي ، أو عضو قيادة قطرية على الأقل . بتعبير آخر : حتى رئيس الأركان لا يستطيع ترؤس اجتماع من هذا النوع لسبب إداري تراتبي بحت ، وهو ما لا يعرفه الغبي الذي زيفها أو نشرها ، وهو أن فرعا واحدا من الفروع الأمنية في القنيطرة ( وأي محافظة أخرى) من صلاحية رئيس الأركان أو نائبه أن يترأسه ، وهو فرع المخابرات العسكرية. لأن الفروع الأخرى ( الأمن السياسي ، أمن الدولة .. ) فتتبع لجهات أخرى ( المخابرات العامة لرئاسة الجمهورية مباشرة ، والأمن السياسي لوزير الداخلية).
ـ كل وثيقة رسمية لها تاريخ ورقم . وهذه ليس فيها رقم ، بل التاريخ المزعوم فقط
ـ الفضيحة الأكبر ، ليس بالنسبة لمزيف "الوثيقة" فقط ، بل لمن نشرها ( وخصوصا موقع " كلنا شركاء" الذي طرب  ورقص لها بالدف والدربكة!) ، لم ينتبه أن رتبة آصف شوكت وردت على أنها " لواء" ، هذا في حين أن أي شخص  في سوريا ، حتى وإن لم يكن معنيا بالشأن العام ، يعرف أنه عماد ! فتصوروا مغفّلا  سوريا ، يدير صحيفة أو موقعا إلكترونيا ، لا يعرف رتبة آصف شوكت ، وتمر عليه هكذا خزعبلات!؟ وتصور هذا "المحافظ الأبله" الذي لا يعرف رتبة نائب رئيس الأركان في بلاده الذي يجتمع معه!؟
   طبعا هناك الكثير من المهازل والفضائح في "الوثيقة" ويمكن سردها كلها . إلا أن حالة القرف والغثيان التي تصيب المرء وهو يرى أي انحطاط أخلاقي وثقافي وسياسي ومهني وصلت إليها جهات واسعة في "المعارضة" ( أو بالأصح " معارضة" ما قبل تنقيط اللغة العربية!)  ، وإعلامها ، وقد بزّت في ذلك حتى السلطة نفسها ، يجعلك تتوقف عن تحليل هكذا " وثيقة" ، لأنها أصبحت تحتاج إلى مختبر طبي لتحليل البول والبراز وليس إلى برنامج  إلكتروني لتحليل الوثائق!
  ملاحظة أخيرة على الهامش ، لمزيد من الضحك ليس إلا : أحد المواقع الذي نشر "الوثيقة" ، والذي انضم أصحابه إلى المعارضة مؤخرا بعد سنوات طويلة قضاها في خدمة رأس السلطة وفي استعراض ملابس وصرامي السيدة الأولى  وفساتينها وكنادرها ، لا يعرف حتى اسم نائب رئيس الأركان ، فيذكر أن اسمه " عاصف شوكت "! سؤالنا : هل أصبح محرر الموقع باكستانيا إلى حد أنه لم يعد يميز بين عاصف زرداري ، الرئيس الباكستاني وصهر ذو الفقار علي بوتو ، وآصف شوكت نائب رئيس الأركان السوري وصهر حافظ الأسد!؟
عصفكم أبو ملعون .. شرشحتونا بمهازلكم ومباذلكم
اضغط الصورة أدناه من أجل نسخة مكبرة وواضحة منها