Thursday 5 May 2011

صحيفة لبنانية تفبرك خبرا والإعلام السوري يجتره رغم أنه ينطوي على "هبل" حقيقي
صحيفة "البناء" : رأس السلطة في سوريا سيعلن تعديل المادة الثامنة من الدستور قريبا




دمشق ، بيروت ـ الحقيقة (خاص): في واحدة جديدة من عجائب إعلام النظام السوري التي تستحق التأمل، أوردت منابر هذا الإعلام يوم أمس خبرا منقولا عن صحيفة" البناء" اللبنانية يتعلق بالمادة الثامنة من الدستور السوري التي تنص على " قيادة البعث للدولة والمجتمع".
وجاء في خبر"البناء" ، لسان حال الحزب القومي السوري ، شبه الفاشي، أن رأس السلطة في سوريا "سيعلن قريباً تعديل المادة 8 من الدستور(...)لتشمل كل الأحزاب المنضوية في الجبهة الوطنية التقدمية، وفتح هذه الجبهة أمام أحزاب جديدة للانتساب والمشاركة في قيادة البلاد. لكن المعلومات شددت على تمسك كل القوى الأساسية وفي مقدمتها الرئيس الأسد بعدم السماح بقيام الأحزاب الدينية في سورية، والحفاظ على البند الدستوري الذي يوجب على كل القوى والأحزاب أن تكون علمانية، منعاً لاستغلال الدين وتوظيفه في اللعبة السياسية وضرب نسيج الوحدة الوطنية السورية". ولم تنس الصحيفة أن تنسب الخبر إلى " دوائر صنع القرار في سوريا". أي أن الخبر منقول إما عن الأسد أو مساعديه أو كبار ضباط المخابرات ، فليس هناك على حد علمنا دائرة ( ولا حتى " مربع" أو " مستطيل"!) لصنع القرار في سوريا إلا هؤلاء. هل تعرفون أحدا غيرهم!؟
الغريب في الأمر أن الإعلام السوري ، الرسمي منه وشبه الرسمي ( المدار مخابراتيا من أقبية الفرع 251 في المخابرات العامة) سارع إلى اجترار الخبر ولوكه كما لو أن الشعب السوري ، بما فيه رجال القانون ، ليسوا أكثر من قطيع من البهائم!؟
والسؤال الآن: من هو الأحمق أو المعتوه ويحتاج إلى طماشتين على عينيه مثل ذلك الكائن المعروف بصبره وتحمله : " دوائر صنع القرار" أم الصحيفة ومن يديرها ، أم الإعلام السوري الذي اجتر هذه التفاهات الغبية ؟ أم كل أولئك مجتمعين!؟
تنص الفقرة الرابعة من المادة 149 الدستور السوري على أن هذا الأخير لا يعدل فيه أي شيء إلا بموافقة ثلاثة أرباع أعضائه . أما رئيس الجمهورية فله ـ فقط ـ حق اقتراح تعديل الدستور ، مثله في ذلك مثل ثلث أعضاء المجلس. أما الفقرتان الثانية والثالثة من المادة نفسها ، فتتضمنان الإجراءات التي يتوجب اتباعها كي يأخذ الاقتراح طريقه إلى التصويت والإقرار أو الرفض . أي إنها إجراءات " عملياتية".
حسنا! ما معنى ذلك ؟
ـ معناه أولا أن بشار الأسد لايستطيع الإعلان عن تعديل الدستور كما زعمت الصحيفة الغبية ، وبقية من ردد وراءها من أغبياء الإعلام السوري . وأن أقصى ما يستطيع قوله في هذا الصدد هو " وعد " ( مثل بقية وعوده طبعا!) بأنه سيقترح تعديل الدستور.
ـ ومعناه ثانيا أن الأمر غير قابل للتنفيذ وغير منطقي لسبب بسيط هو أن الولاية التشريعية لـ"مجلس شعب "السلطة انتهت ، وأن أي اقتراح من هذا القبيل لا يمكن أن يقدم إلا لـ"المجلس " القادم الذي يفترض أن يجري انتخابه قبل مرور ثلاثة أشهر من اليوم ( الفقرة الأولى من المادة 58 ). علما بأن المجلس الحالي ، المنتهية ولايته ، من حقه استعادة سلطاته بعد ثلاثة أشهر إذا لم ينتخب مجلس جديد. وهذا من المتوقع أن يحصل وأن يلجأ إليه النظام ، بالنظر لأن الظروف الموضوعية الناشئة بفعل الانتفاضة الشعبية لا تسمح بانتخاب مجلس جديد .. إلا إذا حصلت مصالحة وطنية ( بافتراض بقاء النظام الحالي). والمصالحة الوطنية باتت تقتضي مجموعة ضخمة من التدابير الإصلاحية التي يجب أن تكون أكبر من ثورة حتى تقنع الناس وترضي أصحاب الدم في قبورهم! هذا إلا إذا كان الشهداء الذين سقطوا برصاص الأجهزة الأمنية وعصابات الحرس الجمهوري ، والآلاف الذين اعتقلوا خلال الأسابيع الأخيرة سيصوتون من مقابرهم وزنازينهم بـ ... نعم!؟
أما "الهبل" الذي لا يقل حماقة عما ورد في النصف الأول من الخبر ، فيتعلق بـ" البند الدستوري الذي يوجب على كل القوى والأحزاب أن تكون علمانية"!؟
يا ناس ! يا هو ! من سمع منكم بوجود بند في الدستور السوري ينص على علمانية أي حزب في سوريا أو حتى دينيته!؟ وهل يعلم هذا المغفل الذي كتب الخبر، أو أولئك الذين اجتروه خلفه كما الأنعام ، أن المادة الوحيدة في الدستور التي ورد فيها مصطلح " حزب" ، سواء بصيغة الفرد أم بصيغة الجمع ، هي المادة الثامنة التي لم تقل حرفا واحدا عن العلمانية ، حيث تقول ما حرفيته " حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية"!؟
فهل وصل الأمر بالسلطة و أذنابها إلى الحد تزوير الدستور نفسه أو حتى اختراع نصوص دستورية لا وجود لها من أجل بيع أكاذيب للناس!؟

أما هزلت حقا!؟